بقلم عثمان ميرغني
على مدى عقود، عانى السودان من أزمة حكم مستفحلة، تراكمت عليه خلالها المشاكل نتيجة عدم الاستقرار ومتوالية الحكومات الديمقراطية التي لا تعمر، فتسقطها أنظمة عسكرية، تطيحها انتفاضات شعبية. وبقي الناس في انتظار نظام سياسي مستقر، قادر على توحيد البلاد، ومنح المواطنين فرصة حقيقية لممارسة الديمقراطية. كل تجربة برلمانية في السودان كانت قصيرة الأجل، تنهار تحت وطأة الائتلافات الهشة، والانقسامات الحزبية، وضعف المؤسسات، ما يجعلنا أمام حقيقة واضحة: استنساخ نموذج وستمنستر البرلماني فشل، ما يستدعي إعادة النظر والبحث عن نمط الحكم الملائم للبلد وظروفه.
تقديري أن ما يحتاج إليه السودان هو اتباع نظام الحكم الرئاسي الذي يوفر قيادة تنفيذية قوية، ومساءلة أوضح، وقدرة أكبر على الصمود في مواجهة الأزمات. فهذا ربما يكون الطريق لديمقراطية راسخة وضمان استقرارها. فالديمقراطية ليست قالباً واحداً أو قميصاً جاهزاً يناسب كل القياسات. نظام وستمنستر الذي تجذر في بريطانيا يقوم على تقاليد راسخة وأحزاب منضبطة ومؤسسات مستقرة. السودان لا يملك هذه الشروط بعد، والإصرار على تكرار نمط وستمنستر هو بمثابة البناء على الرمال.

